Random Posts

    Grab this Widget

Friday, May 8, 2020

عن الألم والحضور الشافى (ترجمتى)



لا اتذكر كم مضى من الوقت وانا واقفة هناك حاملة هاتفى على اذنى بعد ان انهت سارة المكالمة.
فقد اخبرتنى ان صديقتى من وقت الدراسة قد انهت حياتها (انتحرت).
كان لابد لى ان اجد مهرب، ان اجد مكان آمن.
حملتنى ارجلى مثل الزومبى الى حيث كنت أعمل ، مطعم كبير حيث كونت العديد من الصداقات مع زملائى فى العمل، كنت اثق انهم سوف يعتنون بى جيدا.
عندما دخلت الى المطعم لم اعلم ماذا افعل او ماذا اقول. ابتدأوا يتكلمون معى ويسألوننى بينما لم استطع ان ارد. ماذا اقول؟ " انا على وشك الانهيار ساعدونى من فضلكم؟"

توترت فغادرت المطعم. ولكن الى اين، فالشارع لم يكن افضل حالا. شعرت انى ضعيفة ومعرضة للانكسار. فانا اشعر بخوف، بذنب، بألم، بحزن ، بغضب، وغصة عميقة فى القلب لا يبدوا انها ستذهب بسهولة.
احتجت مكانا استطيع ان اكون نفسى فيه....
عدت الى المطعم وجلست على مقعد خال فى الخارج، بعيدا عن مرأى الاعين ولكن فى نفس الوقت قريب من المكان الذى اشعر فيه بالالفه.....
ثم انفتحت فيضانات من الدموع كاشفة عن الم عميق بدا انه سوف يبتلعنى.
حاولت السيطرة على نفسى حتى لا يلحظنى احد، ولكنى فى ذات الوقت لم اكن احتمل ان اكون وحيدة.
بعد ذلك وصل روب، زميل من العمل لم اكن اعرفه جيدا حاملا كوب من العصير. عندما اعطانى الكوب اردت ان اقول شيئا، لكن لم يكن لدى الا الدموع، الكثير من الدموع. كان جسدى يرتجف بشدة، فوضع يده على ظهرى خلف قلبى مباشرة وبقى كذلك...
بكيت ... وبكيت .... وبكيت....
لم اقل كلمة، ولم يسأل هو عن اى شىء....
لقد سمحلى بأن اكون نفسى....
وبطريقة ما، بدون كلام... تكفلت قلوبنا بكل الكلام من خلال الصمت الانسانى العميق...
وجود روب كان يقول " انا اراك، انا اسمعك"
مرت العديد من السنوات قبل ان اخبر روب سبب تدفق كل هذا الالم، وماذا عناه لى ذلك الحضور ، ذلك القبول ، بدون ان يحاول ان يصلح او ان يهدئنى او ان يعزينى.
كان من الموثر ان اجد احدا بجانبى بينما ينقسم كيانى الى اشلاء صغيرة ، وببطء شديد الملم شتات نفسى جزء وراء الآخر.
سوف اتذكر دائما قوة وتأثير ذلك الحضور الغير مشروط.... ذلك الحضور الشافى
بعد عدة سنين، انعكست الادوار وكان لابد ان اتذكر اهمية تلك اللغة الخفية، لغة القلوب.
فقدت زميلتى فى العمل اخيها فى خلال عملية جراحية، كان الامر صدمة للعائلة كلها وغرقوا كلهم فى حفرة من الالم.
تغيبت زميلتى عن العمل لعدة اسابيع، ثم جاءت فى يوم بينما كنت اجهز المطعم لبدء اليوم. التفت فوجدتها تخبىء المها وانكسارها وراء قبعتها ونظارتها السوداء. الا انى احسست بروحها، واغرقنى الفزع حيث شعرت انى غير مجهزة تماما لمساعدتها...
"اهلا جيسى" قلت بدون ان ابين شفقة تجاهها. لم احب احساس الشفقة ابدا.
"اتيت فقط لأخذ بضع اشياء" قالت جيسى
هل اتجاهل المها؟ ام هل اكون عديمة الاحساس اذا ما سألتها عن اى شىء؟ ماذا تحتاج هى الآن؟
"كيف حالك؟" قلت متلعثمة
اومأت براسها، فتحت فمها وقبل ان تبدأ فى الكلام انهمرت فى البكاء. وضعت ذراعى حولها ومشيت بها الى اريكة قريبة.
جلسنا، واستمرت هى فى البكاء....
"هيا.... قولى شيئا" قال عقلى " قولى أى شىء، فانت قد فقدتى اناس احببتهم ايضا . يجب ان تكونى تعلمتى ماذا يجب ان يقال! حاول ان تهدأتها! قولى لها انها سوف تكون بخير"
هممت ان افتح فمى وان اعدها بأمل انها ستصبح بخير، او بأن أخيها قد أصبح فى مكان اكثر سلاما او أشياء أخرى كثيرة...
لكن فكرة أخرى خطرت فى عقلى..
" لا يوجد شيئا تقولينه الآن سيخفف من ألمها"
تذكرت ذلك الموقف مع روب فى نفس المكان، حيث لم يقدم روب شيئا الا وجوده الحقيقى بقلب مفتوح. ولم يكن هذا مجرد كافيا لى، الا انه كان ايضا ماكان يحتاجه قلبى المتألم بدون أن أعرف ذلك.
أدركت كم كنت غير مرتاحة مع جيسى،حيث لم اكن اعلم كيف أصلح مابها.
اذا ما اصررت على ان اخبرها أى شىء بنية تهدئتها فقد يبدو بأننى أقول لها " لا تكونى حزينة الآن"
ولكن، من أنا لأقول أنها لا يحق لها أن تشعر كما تشعر الآن.
لذلك، أبقيت فمى مغلقا، وجلست بجانبها، واضعى يدى على ظهرها.
جلست مستمعة الى فيضانات من الحزن العميق والالم والغضب تنحدر من عينيها....
جلست معها وهى تترك نفسها تتفكك الى اشلاء كثيرة..
كنت اأمل أنى بمشاهدتى اياها كما هى ضعيفة وعارية نفسيا امامى، اذ كما انى اقول لها " أنا معك.... أنا أسمعك.....أنا أشعر بك"
بعد مرور قرابة الخمسة عشر دقيقة ، بدأ فيض الدموع فى الهدوء شيئا فشيئا...
شعرت بأنه وقت العصير ، وحيث كنت أهم بالقيام التفتت لى والتقت أعيننا وتلاقت أرواحنا.... كان هذا شعور لا يمكن وصفه بالكلمات. ثم جذبتنى الى واحد من أدفىء ألاحضان فى العالم، وهمست فى أذنى..."شكرا لك"
وقتها، فى تلك اللحظة المؤثرة، أدركت بأن ذلك يكفى .... يكفى مجرد هذا الحضور
انى أتسائل كيف يكون العالم اذا ما مارسنا مثل ذلك الحضور الحقيقى مع بعضنا البعض

No comments:

Post a Comment